من یقف وراء الجرائم والاغتيالات

أبو یحیی البلوشي في الآونة الأخيرة شهدت أرض أفغانستان جرائم واغتیالات مرموزة ومخططة، حيث تُستهدف في هذه الاغتيالات المشبوهة، السياسيون والعلماء والصحفيّون، ولا شك أن هذه الجرائم، تدعمها وتمولها الأیادي الخفية من رجال الحکومة العمیلة، حفاظاً علی مصالحهم الشخصية، وليصطاد المخطّطون لهذه الجرائم في الماء العكر، ويزيلوا الموانع والسدود التي تعمل ضد سياساتهم و منافعهم، […]

أبو یحیی البلوشي
في الآونة الأخيرة شهدت أرض أفغانستان جرائم واغتیالات مرموزة ومخططة، حيث تُستهدف في هذه الاغتيالات المشبوهة، السياسيون والعلماء والصحفيّون، ولا شك أن هذه الجرائم، تدعمها وتمولها الأیادي الخفية من رجال الحکومة العمیلة، حفاظاً علی مصالحهم الشخصية، وليصطاد المخطّطون لهذه الجرائم في الماء العكر، ويزيلوا الموانع والسدود التي تعمل ضد سياساتهم و منافعهم، ويسكتوا الألسنة والأقلام التي تفضح جرائمهم کما يحلمون، ويزيد الطينَ بلّة؛ الأحداث والمبادرات المبهمة إثر هذه الاغتيالات، ومساعي بعض المسئولين أمثال “أمر الله صالح” وغيره، وما تبثّه وسائل الإعلام وتفتریه کذباً لتشويه سمعة الإمارة الإسلامية وصرف الأذهان بطرق مختلفة عن المرتكبين الحقيقيين لهذه الجرائم.
هذا، والعاصمة منذ أکثر من شهرین تشهد لهيباً من نيران الغدر والعمالة والتفجيرات على المدنين، وجراح كابل لاتزال تنزف کل یوم، وتهراق فیها الدماء البريئة، وتخسر البلاد أفلاذ کبدها بسبب تحقيق المصالح الشخصیة لهؤلاء العملاء.
والتفجيرات علی الأماكن العامة وعلی المدنيين من النساء والرجال والشیوخ والأطفال قد ازداد نسبتها أکثر من أیّ وقت مضی، وكل حملة شرسة يقتل فیها العشرات ويُجرح فيها المئات، ورغم ما أعلنه نائب النظام العميل “أمر الله صالح” من انعقاد لقاءات سماها بلقاء الساعة السادس والنصف صباحا، ليضبط أمن كابول؛ لکنها لم تجد شيئاً، ولم تحدّ من وخامة الوضع!
صرّح “أمرالله صالح” أخیرا بتخصیص النظام العمیل ميزانية ضخمة لنصب كاميرات المراقبة في كابول، ولا یخفی علی أحد أنّ هذه الميزانية سوف تمتلئ بها جيوب فئة خاصة من المسئولين ويستفید منها الجهات الحکومیة فقط، أما الجرائم الأخيرة ونصب الكاميرات، فإنها أعذار وهمیة منسوجة یتعلّل بها هذه الجهات في المجامع الدولیة لیلفتوا بها أنظار العالم ویکسبوا بها قلوب أسیادهم، لأنه قد بات عیاناً لکل ذي بصيرة أن هذه الجرائم فی الحقیقة ترتكبها عملاء الدولة ومرتزقیها، وتتم بمبارکة من جهاز المخابرات نفسها، فهي ليست إلا جزء من مخططاتها الخبيثة.
رغم ما أعلنته الإمارة الإسلامية من عدم صلتها بهذه التفجيرات والاغتيالات، ونددت کل مرّة هذه الجرائم البشعة، لكن هذه الجهات العميلة ووسائل الإعلام المطبلة لسياسات العملاء دائما توجّه أصابع الاتّهام نحو الإمارة الإسلامية، وتنسب هذه الجرائم إليها، وتستخدم کل الوسائل المتاحة لتشويه سمعة الإمارة الإسلامية في هذه الأيام المصيرية بالنسبة للبلد، ولا تألوا في ذلك جهدا.
إن الناظر في الظروف الراهنة للبلد والمتصفّح للتطورات الأخيرة في “المفاوضات الأفغانیة” و”اقتراب موعد الانسحاب الكامل للجیش الأمريكي” يری بأم عينيه أن الذین یتربّعون الآن علی عرش الحكومة والذين يرون في النظام الإسلامي انعدام مصالحهم الشخصية، ویعتقدون أن تحكيم الشریعة عائق لسلطتهم الذاتیة؛ يبذلون قصاریٰ جهودهم لتشویه سمعة الإمارة الإسلامية، ويختلقون العقبات في طریق السلام کل!.
ومن جانب آخر، نرى أن ضحایا هذه الجرائم الجبانة معظهم من الذین کانوا يخالفون سياسات النظام العميل، وكانوا يستخدمون ألسنتهم وأقلامهم في هذا المجال، فقضی قاطنوا “القصر الرئاسي” علیهم بالزوال، وأعملوا فیهم سیوف الغدر في إطار سلسلة من الاغتيالات، لیقروا حكمهم الجائر ويفرضوا سياستهم الدكتاتورية على الناس وعلى المسئولين الحكوميّين أیضا، وليعلم كل من يعمل في ظل هذه الحكومة أنه إن خالف هذه السياسة العدوانية التي یتولیّ کبرها “أشرف غني” وذیوله، فإن مصيره بين أمرين: إما أنه سيخلع من قدرته وكرسيّه وإما سيقتل، فالحكوميّون العملاء رغم أنهم یدفعهم مصالحهم الذاتیة الی الصمت تجاه هذه الحوادث، إلا أنهم لن يتفوهوا بكلمة ضد كبار النظام وأعمالهم الوحشية، صیانةً لحیاتهم؛ كي لا یکونوا کبش فداء لسیاسیة بعض المجرمين من المسئولين.
ولا يخفى على أحد أن هذه الاغتيالات، رغم ما تبثّه وسائل الإعلام وتلبسه من واقع الأمر وتتستر على مسبّبيها الحقیقیين؛ بأنّها اغتيالات تُنفّذ بأمر من رؤساء العمالة وأصحاب “القصر الرئاسي” وتحت رعایتهم، حتى يصفوا لهم الجوّ، ولا يقف ضد سياستهم الدكتاتورية أحد.
ومن سیاسة التزویر ودیدن هؤلاء المتسلّفین أنّهم یتفاعلون إثر وقوع مثل هذه الجرائم بإصدار بعض البیانات المتصنعة، ویخدعون الشعب الساذج بترهاتهم کما فعلوا من ذي قبل، ويعِدونهم بالتحقيق في القضية، ثم لا تلبث القضية أن ترمى إلى سلة النسیان، فلا يتتبعها حكومي ولا يبحث عنها مسئول، ولا يعيَّن لها من يتتبع الشواهد ليكشف عن المسبب الحقيقي، بل تصیر نسیاً منسیّاً.
‏في هذه الأوضاع المضطربة، تری كل خائن لوطنه يبذل جهده وطاقته لتعزیز قدرته والنیل من هذه الشعب المنکوب والبلد الذی یظنونه مالاً سائباً، ولا یبالون بأن یكونوا سدا وعائقا ضد النظام الإسلامي الآتي، هذا من جهة، ومن جهة أخری نری كبار النظام المجرم یتجاهرون بهذا الجرائم، ثم يكبرون من حجمها في المجامع الدولیة، ليلفتوا أنظار الدول الكبرى، ویصرفوا أمريكا عن عزمها بالانسحاب عن أفغانستان ولتبقى لهذه الثلة العميلة في سدة الحكم، وتستفيد من إمكانياتها وصلاحياتها في جمع ثروات البلد وامتصاص دماء هذا الشعب المضطهد.