طالبان أثبتت مرة أخرى استقلالها وسيادتها

  بقلم: القارئ حبيب تعريب: أحمد القندوزي منذ أسابيع، كانت هناك شائعات في وسائل الإعلام بأن مؤتمرًا حاسمًا حول أفغانستان سيُعقد بمدينة إسطنبول التركية، في شهر أبريل من هذا العام. وفي هذا المؤتمر – الذي كان يعتقد أنه مشابه لمؤتمر بون المنعقد قبل 20 عامًا – سيتم اتخاذ قرارات محورية حول مستقبل أفغانستان وتحديد نوع […]

 

بقلم: القارئ حبيب

تعريب: أحمد القندوزي

منذ أسابيع، كانت هناك شائعات في وسائل الإعلام بأن مؤتمرًا حاسمًا حول أفغانستان سيُعقد بمدينة إسطنبول التركية، في شهر أبريل من هذا العام. وفي هذا المؤتمر – الذي كان يعتقد أنه مشابه لمؤتمر بون المنعقد قبل 20 عامًا – سيتم اتخاذ قرارات محورية حول مستقبل أفغانستان وتحديد نوع النظام المستقبلي.

كان للمؤتمر التركي المحتمل العديد من السمات المميزة عن الاجتماعات السابقة المماثلة.  إحداها أن المؤتمر كان سيعقد في أكثر الأوقات حساسية من حيث الوقت. لأن الأول من مايو المقبل هو الموعد النهائي للأمريكيين والمحتلين الآخرين لسحب جميع قواتهم من أفغانستان وفق اتفاقية الدوحة، فإنه من غير المألوف عقد مثل هذا المؤتمر الحاسم والمهم في مثل هذا الوقت الحساس والحرج.

ثانيًا؛ أنّ أحد الجانبَين للقضية (أمريكا وحلفائها) كان يبدو نشطًا ومتحمسًا للغاية بشأن المؤتمر، بينما الطرف الآخر للقضية (طالبان) لم يعطِ يبد أي رغبة في المؤتمر التركي أو الاستعداد للمشاركة فيه.

ومن هذه الأجواء يتضح بأنّ الجانب المحتل كان يحاول من خلال دعايته القوية وخداعه الخفي إجبار طالبان ( طوعًا أو كرهًا ) على اتخاذ قرار عاجل يرجوه الأمريكيون، ويريدون قبل سحب قواتهم تقديم عملية متسرعة ودراماتيكية كحل للمعضلة الأفغانية.

وإن استخدام الدعاية والإجراءات الأحادية وممارسة ضغوطات متعدد الأطراف لإخضاع الخصم وإجباره على قبول شيء ما هو تكتيك قديم جدًا للقوى الاستعمارية. وبمثل هذه الدسائس يقود المحتلون دائمًا خصومهم الضعفاء على مسار يكون من الإساس جزء من أجندتهم المعينة. والحركات الضعيفة تفقد غالبًا صمودها أمام الدعاية والوضع المخطط لها، مثل الأسماك الميتة تأخذها أمواج البحر في طريقها حيث ما شاءت.

بينما كانت جميع الأطراف (من أمريكا إلى كابول والدول المجاورة وتركيا) منشغلة في إنهاء الاستعدادات والاقتراحات للمؤتمر الغامض في اسطنبول، وكانت المحطات الإذاعية أيضًا تركز على ذلك، أثبت رفض طالبان حضور المؤتمر في إسطنبول، أن طالبان اليوم هي نفس طالبان التي كانت بأمس، لم تتغير ولم تتحول، بل لا تزال تتمتع بالاستقلالية والسيادة، وهي تلتزم بمادئها وتتحكم بقراراتها، طالبان التي  لم تضعف عزائمها بضربات العدو في عهد بوش وأوباما، ولم تنحرف عن مسارها بسبب عواصف الشائعات والدعايات في الوضع الراهن.

فهذا القرار لطالبان له ما يبرره؛ لأن أزمة أفغانستان المستمرة منذ 40 عامًا لا يمكن حلها من خلال مؤتمرات عاجلة وطارئة، ولا داعي لحضور اجتماعات تم تخطيطها وتقويتها من قبل طرف واحد، وهو من يقدم لها الاقتراحات ويحاول من خلال الضغوط الدعائية أن يحمل الطرف الآخر على المشاركة فيها.

وموقف طالبان هذا صفعة في وجه أولئك الذين كانوا يفسرون منذ فترة سلوك طالبان الأخلاقي الملتزم تجاه الأمريكيين على أنه رغبة طالبان وميلهم نحو الأمريكيين، ويعتبرون طالبان تحت تأثير زلماي خليل زاد. لقد تبين الآن أن طالبان مثلما كانت مستقلة في اتخاذ قرارها للجهاد ضد أمريكا، حافظت على استقلالها وحريتها في اتخاذ قرار المفاوضات وإنهاء الحرب، فيجب أن يحترز الطرف المقابل في المستقبل عن مثل هذه التحركات الغامضة والتآمرية؛ لأن مثل هذه الأعمال لا تعود بالنفع على عملية السلام.